السبت، 15 أكتوبر 2011

البعد البيداغوجي والتواصلي ل”دفتر الذكريات” في صقل “فعل الكتابة” لدى الطفل


كتبهافاطمة كدو ، في 22 أكتوبر 2010 الساعة: 13:40 م


البعد التربوي والتواصلي  ل "دفتر الذكريات" في صقل الكتابة لدى الطفل



                                                                                 فاطمة كدو

 



الكلمات المفاتيح : دفتر الذكريات/الكتابة الموازية/البعد التربوي/ البعد التواصلي/التربية الأسرية/المعجم اللغوي/الطفل في وضعية القارئ/الوضعيات الكلامية/تنمية حب الاستطلاع /آليات تشكيل وقت الطفل/الوسائل البيداغوجية في خدمة دفتر الذكريات/الطفل في وضعية الكاتب لذاكرته…….



عناصر الموضوع:



-1- دفتر الذكريات :تحديد المفهوم والدلالات.

-2- البعد التربوي والتواصلي ل "دفتر الذكريات".

-3- الكتابة الموازية وصقل الإبداع.

-4-القمع المزدوج ومحاصرة ذاكرة الطفولة.

-5- تركيب عام.

-6-ملحق



-1- دفتر الذكريات : تحديد المفاهيم والدلالات:



. ويخصص الطفل صفحات لأصدقائه و أقربائه كي يسجلوا له عبارات تظل ذكرى على مر السنين. وتكون هذه الكتابات – سواء من قبل الطفل صاحب الدفتر أو من قبل الذين يشاركونه فيه من خلال ما يسجلونه من عبارات- مرفقة بصور وملصقات مأخوذة من مجلات ، وبطاقات بريدية ، ورسم بالألوان على الصفحات (انظر الملحق).وتشيع هذه الظاهرة بين الفتيات حصرا ، ولا يوليها الفتيان أي اهتمام ، حسب البحث الميداني الذي أجريناه، والذي سنعود لنتائجه في التركيب العام .



  إن دفتر الذكريات وسيلة تواصلية ،يخلق من خلالها الطفل عوالم من العلاقات الوجدانية عن طريق الكتابة وتبادل المعلومات بين زملائه داخل الفصل وخارجه في بعض الأحيان ، أي مع فصول أخرى من نفس المدرسة ، والتي يجب أن تعمم لتشمل الفتيات والفتيان .وهو أيضا وسيلة تعبيرية عن كل ما يخالج ذهن الطفل نفسيا واجتماعيا .



-2- البعد التربوي والتواصلي لدفتر الذكريات :



    لايقع هذا الدفتر في دائرة اهتمام لا أطر التدريس ولا إدارة المدرسة ،ولا حتى عائلة الطفل حسب البحث الذي أجريناه ،إنه دفتر يعتبره الطفل من أشيائه الحميمية ، ومملكته الخاصة التي يلجأ إليه في خلوته؛ وذلك بحكم ممانعة العائلة والمدرسة  في أن يكون للطفل دفتر من هذا القبيل قد " يشغله عن دراسته" . سوء الحكم والتقدير هذا ، يدفع الطفل إلى عدم الكشف عن هذا الدفتر للعائلة وكذا المدرسة من خلال الأطر التعليمية  ، والعمل على التستر عليه ،حيث صرح الأطفال المستجوبون بأنهم تعرضوا إلى نزع الدفتر منهم بالقوة من طرف المعلم/المعلمة وكذا الأسرة ، معللين هذا المنع بأن الدفتر مضيعة للوقت وقد يلهي التلميذة عن واجباتها .مع العلم أن دفترا من هذا القبيل ،لو أعطيت له العناية الكاملة في بعده التربوي /التواصلي لكان له أكبر الأثر على مستوى علاقة الطفل والطفلة على حد السواء بالمؤسسة وبالعائلة . وهذا ما نلاحظه في المدارس بدول أخرى كفرنسا مثلا ، إذ يتخذ هذا الدفتر اسما آخر هو" دفتر الحياة" .حيث تعمل المؤسسة من إدارة وأطر التدريس على أن يكون لكل طفل دفتر خاص به منذ المراحل الابتدائية الأولى ، واضعة أسسا تنظيمية لذلك ، ومشركة العائلة في الاطلاع على الدفتر والمشاركة فيه بتسجيل كلمة تشجيعية أو وضع رسم  أو بطاقة بريدية ، أو عبارات الامتنان .

     

      يتخذ "دفتر الحياة" أو "دفتر الذكريات" مكانة خاصة في المنظومة التربوية بأوروبا ، وفي فرنسا على وجه الخصوص؛ نظرا لتموقعه عند عدة تمفصلات حاسمة في تكوين الطفل وصقل توجهاته ورعاية موهبته . وهكذا يتم تشجيع الأطفال في المرحلة الابتدائية على امتلاك هذا الدفتر واضعة أهدافا تربوية لذلك نذكر فيما يلي بعضا منها:

 1/ تقوية الروابط بين المدرسة والعائلة .

2/ إخبار آباء وأولياء التلاميذ بالحياة العامة للفصل الدراسي.

3/ تطوير آليات التمكن من اللغة عند الأطفال .

4/ موضعة التلميذ في وضعية القارئ وذلك بتوجيهه إلى جمع مختلف أنماط الكتابة وشرح مضمون الدفتر للمدرسة وللعائلة .

5/ تحسين رغبة التلميذ في التواصل .

6/ استعمال معجم لغوي مضبوط ومحدد .

7/ التمرين على استعمال –أثناء الكتابة- الفعل الماضي لوصف تجربة تمت معايشتها.

8/ إغناء المعجم اللغوي وتقوية عنصر التركيب .

9/ بناء وضعيات كلامية .

10/ التعريف بالأسباب التي تدفع على استعمال مختلف أنماط الكتابة.

11/ تشجيع الطفل على تنمية حب الاستطلاع لديه من خلال ملاحظة التنوع الكبير لأنماط الكتابة وهو الأمر الذي سيدفعه للتموضع في موضع القارئ لهذه الكتابات .

12/ التعرف على بعض عناصر النصوص المكتوبة .

13/ التعرف على كلمات جديدة .

14/ إنتاج نصوص متنوعة تملى على المعلم /المعلمة ،أو على الآباء والأمهات .

15/ إنتاج كتابات لها معنى عند التلميذ -8-

16/ تجميع الإنتاجات الكتابية وما يرتبط بها من رسومات وتعابير من أجل تخزينها في الدفتر والعمل على تذكرها (للمزيد من المعلومات انظر الرابط التالي www.icem-freinet.inf).



   إذا كانت المنظومة التربوية في المغرب لا تشجع على هكذا دفتر ،و يرفضه الطاقم التربوي جملة وتفصيلا ،معتبرة إياه غير قابل ليكون جزءا من العملية التعليمية : قراءة وكتابة ، ومن العملية التربوية ك: تشجيع التلاميذ على الابتكار والانخراط في العملية التواصلية منذ نعومته ، فإن الشغل الشاغل للمنظومة التربوية الفرنسية  خصوصا الهيئة التدريسية هو كيف يمكن للمعلمين والمعلمات وكذا التلاميذ الاشتغال على هكذا دفتر لجعله من أساسيات العملية التعليمية والتربوية . بمعنى آخر إن الهيئة التدريسية قد فصلت القول في دفتر الذكريات /دفتر الحياة واعتبرته جزءا من مهامها التربوية والتعليمية ، وقد انتقلت من المرحلة الأولى ( أي رفض أو قبول هذا الدفتر) إلى مرحلة تقنية تم من خلالها تحديد دور الدفتر داخل المدرسة كمدخل مهني لتعليم( الكتابة والقراءة) وصقلهما بشكل سلس .

  وفي هذه المرحلة التقنية تم طرح الأسئلة / الانشغالات التالية:



- في أي شيء يفيد هذا الدفتر ؟

- ماذا يمكن للتلميذ أن يكتب فيه ؟

- من يكتب في هذا الدفتر وكيف؟

- هل هو دفتر فردي ؟أم جماعي ؟

- لماذا هو فردي ؟ ولماذا هو جماعي؟

- هل يمكن أن يكون في ذات الآن فرديا وجماعيا؟كيف ؟

- هل يمكن لما هو فردي (الكتابة والقراءة) أن يغذي ما هو جماعي ؟

- هذا الدفتر لمن هو موجه ؟

- كيف يمكن مراجعته ؟

- ما هي النتائج / الأهداف التي يمكن أن يبلغها أو يصل إليها هذا الدفتر ؟

- ما هي الوسائل البيداغوجية التي يجب أن نضعها في خدمة هذا الدفتر؟

- ما هي الإمكانيات التي يمكن أن يقدمها هذا الدفتر لهيئة التدريس على مستوى تصحيح الأخطاء الإملائية ؟



   إن الانشغالات كثيرة ولايمكن عرضها في هذا المقام جملة وتفصيلا ، نكتفي بهذا القدر لنمثل من خلاله الهاجس التربوي الذي أحاط بتحديد كيفية وآليات استعمال دفتر الذكريات أو دفتر الحياة كي يكون له دوره الحاسم في تعلم الكتابة والقراءة ؛ باعتبارهما ركيزتين أساسيتين في العملية التعليمية والتربوية .

وكان لابد من إيجاد أجوبة لكل ما طرح من أسئلة من أجل وضع هذا "الدفتر" على الطريق الصحيح:



- إنه دفتر يهدف بالأساس إلى التواصل مع الآباء وأولياء الأمور والأصدقاء والزملاء والطاقم التربوي ( لذا فنحن نفضل أن يسمى  د"فتر التواصل" لكن ليس بالمفهوم السائد حاليا في عدد من المدارس حيث يطلق اسم دفتر التواصل على دفتر خاص بإنجاز الفروض المنزلية).

- تنظيم حياة الطفل كتلميذ على امتداد الأنشطة المقامة داخل المدرسة وخارجها في اليوم وفي فترات معينة كالقيام بالرحلات الخارجية الترفيهية أو البيداغوجية .

- تنظيم وتشكيل وقت الطفل بحيث يكون لديه بين الفينة والأخرى واجبات الكتابة في الدفتر وقراءة ما كتب ، من أجل التعديل والتصحيح ، وأيضا قراءة ما يكتبه زملاؤه في الفصل من ارتسامات وتعليقات بإشراف المعلم/ المعلمة .

- أهم ما يكتب في هذا الدفتر هو عبارة عن ملاحظات الطفل ورسوماته ، وبعض النصوص التي يختارها بشكل حر من كتب ومجلات أو جرائد : كقصاصات أو أبيات شعرية …وكذا ما يسجله زملاؤه على دفتر التلميذ من عبارات الصداقة والمحبة والتشجيع والتهاني بمناسبة أعياد الميلاد، وأيضا صور ومستنسخات…..الخ.

  هذا الدفتر يؤخذ إلى المنزل من أجل إطلاع العائلة عليه وإشراكها في مختلف   التجارب التي يمر منها الطفل داخل الفصل وداخل المدرسة وخارجها ، أي المحيط الذي يحتك به الطفل من خلال الرحلات . ولابد من العناية به على المستوى الجمالي حيث يتربى الطفل على تذوق مختلف الوسائل المتاحة أمامه من أجل تزيينه وجعله في أحسن حلة. كما يجب أن يطلب التلميذ من غيره أن يكتبوا في دفتره كبارا كانوا أم صغارا ، وذلك كي يطلع على أنماط أخرى من الكتابة والتعابير . وتكون  الفائدة عامة وشاملة عندما يخصص المعلم/ المعلمة فترة معينة خلال الأسبوع لقراءة بعض النماذج من كتابات هذا الدفتر من طرف التلاميذ على بعضهم البعض .



    تعددت المسميات إذن،  والهدف واحد: إنه " دفتر الحياة" وهو "دفتر الذكريات" وهو" دفتر سيرة حياة"وهو"ألبوم الحياة" وهو"يوميات الحياة" ، داخل الفصل وداخل المدرسة / داخل الجماعة ،إنها حياته يخطها ويكتبها بيده ويقرؤها على غيره ويتواصل بها مع الآخرين .



3- الكتابة الموازية وصقل الإبداع:



    لماذا التركيز على تعلم الكتابة في المراحل الأولى من ا لتعليم ؟ لا نقصد هنا طبعا تعلم كتابة الحروف وتركيب الجمل ، فهذا أمر تعلمي أساسي ، بل "الكتابة " في جانبها الإبداعي والتواصلي. أي كيف نمكن الطفل من التعبير عما يراه ، وما يحسه بأساليب متنوعة؛ وكيف نجعله يتواصل من خلال الكتابة مع كتابات أخرى لزملائه ورفاقه؟ وأخيرا كيف نمكن الطفل من أن تصبح "الكتابة" لديه عادة يومية ونشاطا ضروريا ، بدءا من حياته التعليمية الأولية إلى ولوج الصفوف الجامعية " ومن المتفق عليه بوجه عام أن الإبداعية ليست صفة إما موجودة أو غير موجودة عند الناس ، وإنما هي موجودة عند كل الأفراد ولكن بدرجات متفاوتة"-1- .وبالتالي وجب التركيز على هذه" التفاوتية " والاشتغال عليها من أجل دعم  الإبداع وتشجيعه " وإذا كنا سوف نشجع الطاقات الإبداعية عند الأطفال ،فمن الواجب ألا نكتفي بتحديد الصفات لإبداعية  وإنما نتعرف بالإضافة إلى ذلك على الصفات التي عملت منذ الصغر إماعلى تقوية إبداعهم أو التقليل منه .فإذا أمكن التعرف على الأشخاص الذين يملكون طاقات إبداعية في وقت مبكر من عمرهم ، فإنه من الممكن تزويدهم بأنواع الخبرات التي تضمن تطوير هذه الطاقات إلى أعلى حد ممكن"-2- . وهذا سيدفع بالتالي إلى البحث عن آليات التزود بالخبرات التي تساعد على تطوير الطاقة الإبداعية في مجال الكتابة على المستوى الإعدادي والثانوي والجامعي ؛ يتعلق الأمر بإنشاء محترفات للكتابة كآلية أساسية لدعم الإبداع في الكتابة، على غرار محترفات المسرح التي تدعم ملكة الكلام والتعبير الشفهي .لابد إذن من أن يصبح "محترف الكتابة " مادة أساسية من مواد التدريس بالمرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية.

  

     ستمكن هذه المحترفات في الكتابة من صقل الإبداع لدى الطفل ، وسينمو لديه بالتدريج الرغبة في الانفتاح على أكثر من مجال في عالم الكتابة : في الإعلام والسينما والتلفاز والآداب والفنون والنقد .يتعلق الأمر بالبحث عن مفاهيم ومصطلحات وبنيات جديدة تمكن المشتغل بالكتابة من توسيع مجالات معارفه في بناء" كتابة " مقنعة ، مبنية على استيعاب الآخر /القارئ ثقافيا واجتماعيا وسياسيا وفكريا …." إن الرغبة في الكتابة موجودة بكل تأكيد، والتجارب تثبت ذلك. لقد لاحظنا ذلك من خلال وضعيات متنوعة في المدرسة والجامعة ،وأيضا في مجال تكوين الكبار ، وفي تجمعات نسائية وعند الشباب الذين تعرضوا للفشل الدراسي .وقد تم أخذ بعين الاعتبار هذه الرغبة في الكتابة منذ عشرين سنة في مختلف الأماكن والمؤسسات التعليمية والموازية حيث تم تفعيل وتنشيط محترفات للكتابة"-3-.



   تعتبر الكتابة في "دفتر الذكريات" أو"دفتر الحياة" ركيزة أساسية في العملية التواصلية الداخلية (داخل المدرسة) والخارجية ( المحيط العام للمؤسسة) و" التواصل هو جوهر العلاقات الإنسانية(….) إنها عملية مشاركة وتفاهم بين طرفين حول رسالة معينة، أي مفهوم أو فكرة أو رأي أو مبدأ أو مهارة أو قيمة، إلى أن تصير الرسالة مشتركة بينهما، ويعتمد في ذلك على الكلمة والكتابة، والإشارة والحركة"-4-.



4- القمع المزدوج ومحاصرة  ذاكرة الطفولة:  



   إن "دفتر الذكريات" هو مدونة يكتب من خلالها الطفل تاريخه الجماعي داخل القسم وخارجه . إنه الوسيط بين المؤسسة التعليمية والمؤسسة العائلية .لكن مع الأسف يتم إعدام هذا الوسيط ، فيصبح الطفل/ الطفلة تحت رحمة القمع المزدوج لهاتين المؤسستين ، وبالتالي محاصرة ذاكرة الطفولة ، والقضاء على وسيلة تواصلية وتربوية هامة جدا في حياة الطفل وهي " الكتابة" و" يتطلب فعل الكتابة على المستوى البيداغوجي تخطيط وضعيات الكتابة التي تشمل ما يلي :

1)    تحديد وضعية الكتابة ( من يكتب؟ولمن؟ وماذا سيكتب؟ وفي أي مكان وزمان؟ )

2)    تحديد أفعال الكلام والملفوظات المناسبة للوضعيات (أمر ، نهي ،طلب..)

3)    إنتاج نص متناسق يتميز بالانسجام والتماسك " -5- . 



إن فعل الكتابة يجعل ذاكرة الطفولة تستوعب محيطها وتتفاعل معه ، ثم تعيد إنتاجه في  إطار "التربية المفتوحة" -6- والتي يجب أن تنتقل إلى مستوى آخر وهو التربية المتواترة، بحيث يستمر هذا الدفتر في التواجد مع الطفل على المستوى الإعدادي والثانوي، لكن بصيغ أكثر تطورا تتناسب مع التطور العمري والفكري للتلميذ  (ة) . والتربية المتواترة هي " مبدأ تربوي يقوم على فكرة استمرارية تربية الفرد طيلة حياته ، استعملته منظمة التعاون والتنمية الأوربية (OCDE) للإشارة إلى النظم التربوية التي تقوم من خلاله على التكوين المستمر والمستديم للأفراد ، وقد وظفت أبحاث تحت إشراف هذه المنظمة تناولت كيفية تنفيذ مبدأ جعل الأفراد قادرين على الابتكار والتجديد وتحيين معارفهم بكيفية مستمرة"-7-.



 إن التربية المتواترة ، جزء أساسي في المنظومة البيداغوجية ، خصوصا إذا كانت منفتحة على المحيط الخارجي للمؤسسة التعليمية من أجل صقل مواهب المتعلم (ة) خصوصا تلك المتعلقة بفعل الكتابة.



  تركيب عام



 مما لاشك فيه أن "دفتر الذكريات" أو "دفتر التواصل"في حاجة إلى مزيد من التنقيح اللغوي والدلالي، على مستوى المفهوم كي يكون مطابقا أو منسجما مع المضمون. ومما لاشك فيه أيضا أن الجميع سيتفق على أهمية البعد التواصلي في العملية التعليمية والتربوية ، لذا كان من اللازم البحث عن قنوات جديدة لدعم هذا البعد ، أو إحياء قنوات كانت موجودة وطالها التهميش ، من أجل تحقيق نفس الهدف .

  إن التواصل عملية مهمة ، ولكن معقدة في ذات الآن . ولعل دفترا من هذا القبيل سيعزز – ضمن منظومة متكاملة من قنوات التواصل- من قدرات المتعلم (ة) على التعبير والتواصل ، وامتلاك لغات تواصلية، مع تصحيح  الأساليب اللغوية لهذا التعبير ؛ حيث لاحظنا أخطاء إملائية كثيرة على مستوى اللغتين العربية والفرنسية على مستوى الخامس والسادس ابتدائي .قد يقول البعض إنه أمر طبيعي أن تكون هناك أخطاء إملائية وتعبيرية في هذا المستوى (5-6) من التعليم .لكن غير الطبيعي ، لابل الكارثي وأنا لاأبالغ في هذا ، عندما نجد أنها نفس الأخطاء التي يرتكبها الطلبة في الجامعة كعدم التفريق بين السين والصاد ، ووضع الهمزة ، وترتيب وحدات الجمل ، وترتيب الفقرات ، ونقاط الفصل …..



      إنها أخطاء تتراكم وتتزايد على امتداد السنين ؛ ولعل إدماج "دفتر التواصل" ضمن المنظومة التعليمية من شأنه تدريب المتعلم(ة) بشكل متواصل على تقنيات الكتابة السليمة ، وبالتالي صقل العملية الإبداعية، بعيدا عن القمع المزدوج الذي تمارسه المؤسسة التعليمية  والمؤسسة الأسرية في حق وسيلة تواصلية قابلة للتكيف مع مختلف مراحل نمو المتعلم . 

  لقد حاولنا من خلال الأطروحة /الإشكالية  التي طرحناها في هذا المقال ، الاشتغال على مستويين : مستوى تنظيري حاولنا أن نعيد من خلاله التفكير في ما اصطلح عليه ب"دفتر الذكريات " وتارة أخرى ب "دفتر التواصل"  ، أو "دفتر الحياة " كما هو شائع في الاستعمال على مستوى المنظومة التعليمية الفرنسية ؛ أما المستوى الثاني فهو تطبيقي طرحنا من خلاله إمكانية التعامل مع هكذا دفتر ليصبح قابلا للاندماج داخل المنظومة التعليمية والتربوية ، على مستوى تدريب المتعلم(ة) على تقنيات الكتابة ،ونقل تجربته الحياتية إلى الآخرين بتعابير وأساليب يجتهد في ابتكارها وتنقيحها تحت إشراف هيئة التدريس وكذلك الأسرة . ولقد أرفقنا هذا المقال بملحق صغير كأنموذج لبعض كتابات لفتيات في المرحلة الابتدائية (صف5-6)تواصلن بها فيما بينهن في غفلة من المؤسسة التعليمية والمؤسسة الأسرية، متحديات بذلك    القمع المزدوج الممارس عليهن، أقصد …على كتاباتهن ، وعلى حريتهن في التعبير.

 

  المراجع



1-    د. محيى الدين توق ود. عبد الرحمان عدس: أساسيات علم النفس التربوي /1984/دم/ص: 317

2-    المرجع نفسه ص:317

3-    Anne Roche /Andrée  Guiguet /Nicole volz : L’atelier d’écriture/Bordas/Paris/1989/p 1

4-        أ.عبد الكريم غريب: المنهل التربوي / الجزء الأول /منشورات عالم التربية / النجاح الجديدة/ط1/ 2006/ ص:158

5-    المرجع نفسه: ص:305

6-    المرجع نفسه ص:324

7-    المرجع نفسه ص:325

     8-المرجع نفسه ص- 325

ليست هناك تعليقات: